من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- -الاعتزاز بالإسلام
المقالات > > الاعتزاز بالإسلام
عدد المشاهدات : 0
تاريخ الاضافة : 2021/08/03
المؤلف : أبو عبدالرحمن الصومالي


الاعتزاز بالإسلام

كان العرب قبل إسلامهم من أذلّ الأمم لكونهم قبائل متعادية متناحرة تقوم بينهم الحروب فلا تهدأ حتى يفني بعضهم بعضاً إذ لم يكن لهم وحدةٌ ونظامٌ سياسيٌّ وشريعة يرجعون إليها .. ولم يكن لهم وزنٌ بين قوى العالم آنذاك فقد عجزوا عن ردّ "أبرهة" الحبشيّ عن مكة ... ثم ماذا؟ ثم أسلموا لله وامتثلوا بأوامره وتوكّلوا عليه فإذا هم أقوى أمة في العالم .. فإذا هم يقهرون الإمبراطوريات العتيقة وينفقون كنوزها في سبيل الله. ولم تكن أمة فاتحة غالبة فحسب بل كانوا هداة مرشدين يُعلِّمون الخلق كيف يكون الإيمان؟ وكيف يكون الصدق والوفاء؟ وكي ف تكون الأخوة في الله؟ وكيف تتمّ العدالة الاجتماعية والكرامة الفردية؟.


قال الله تعالى:﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاتَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء: 10].


والأمم الأخرى الكثيرة التي اعتنقت الإسلام سعدت هي أيضاً بالإسلام وتحرّرت من الذلّ والهوان والعبودية للعبيد لما آمنوا بالله وعبدوه وحده بلا شريك .. لقد وجدوا في الإسلام خير الدنيا والآخرة .. ولم يكونوا أبداً شعوباً مستعبدة مغلوبة كما يحبّ أعداء الإسلام أن يقال عنهم، بل كانوا والعرب أمة واحدة كمثل الجسد الواحد . بل قد مرّ في التاريخ الإسلامي أزماناً طويلة لم يكن فيها القادة والأمراء عرباً ولكنهم كانوا مؤمنين صادقين يقاتلون أعداء الإسلام ويدافعون عن ديار الإسلام وهم والعرب في هذا الجهاد سواء قد جمعتْهم العقيدة في الله والأخوة فيه .. فأصبحوا أمة واحدة هي "الأمة المسلمة" التي لا تقبل التجزئة.


والذين يدّعون الإسلام في هذا الزمن ثم يريدون التجمع على آصرة الجنس أو القبيلة أو الوطن ضالّون عن سبيل العزّة والكرامة ولن يجنَوا من تلك الشعارات التي يرفعونها إلاّ الذلّ والهوان .. وهم بإعراضهم عن منهج الله الذي يوجب التجمع على آصرة العقيدة وإقبالهم على مناهج الجاهلية التي تُزيِّن لهم تلك الشعارات .. قد كفروا بربّهم ووالوا أعداءه فصاروا في الأذلّين.

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ. كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: 02].


وقد كان المسلمون الأوائل يدركون جيّداً أن سبب عزّهم هو الإسلام لا غير. ومن الأخبار المشهورة ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند فتح بيت المقدس لما أتوا ببرذون يُهملج وأرادوا أن يركبه ليكون ذلك أهيب للأعداء فقال: "كُنَّا أذلاّء فأعزّنا الله بالإسلام وإن ابتغينا العزّة من غيره أذلّنا الله". أو كما قال رضي الله عنه .


وجاء في كتب التاريخ أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بعث إلى رستم ثلاثة رجال في ثلاثة أيام متوالية فدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال في اليوم الرابع ...

ثم أرسل إليه سعد بقية ذوي الرأي فساروا، وكانوا ثلاثةً إلى رستم فقالوا له: إنّ أميرنا يدعوك إلى ما هو خير لنا ولك، العافية أن تقبل ما دعاك الله إليه ونرجع إلى أرضنا وترجع إلى أرضك، وداركم لكم وأمركم فيكم وما أصبتم كان زيادة لكم دوننا وكنا عوناً لكم على أحد إن أرادكم، فاتّق الله ولا يكوننّ هلاك قومك على يدك وليس بينك وبين أن تغبط بِهذا الأمر إلاّ أن تدخل فيه وتطرد به الشيطان عنك.


فقال لهم: إن الأمثال أوضح من كثير من الكلام، إنكم كنتم أهل جهد وقشف لا تنتصفون ولا تمتنعون، فلم نُسئ جواركم وكنا نميركم ونحسن إليكم فلما طعمتم طعامنا وشربتم شرابنا وصفتم لقومكم ذلك ودعوتموهم ثم آتيتمونا فإنما مثلكم ومثلنا كمثل رجلٍ كان له كرمٌ فرأى فيه ثعلباً فقال: وما ثعلب ! فانطلق الثعلب فدعا الثعالب إلى ذلك الكرم فلما اجتمعوا إليه سدّ صاحب الكرم النقب الذي كنّ يدخلن منه فقتلهُنّ، فقد علمتُ أن الذي حملكم على هذا: الحرص والجهد فارجعوا ونحن نميركم، فإنّي لا أشتهي أن أقتلكم.


ومثلكم كالذباب يرى العسل فيقول: من يوصلني إليه وله درهمان ؟ فإذا دخله غرق ونشب، فيقول: من يخرجني وله أربعة دراهم ؟. ... [في كلام طويلٍ].


قال: فتكلّم القوم وذكروا سوء حالهم وما منّ الله بِه عليهم من إرسال رسوله واختلافهم أولاً ثم اجتماعهم على الإسلام وما أمرهم به من الجهاد. وقالوا: وأما ما ضربتَ لنا من الأمثال فليس كذلك، ولكن إنّما مثلكم كمثل رجلٍ غرس أرضاً واختار لها الشجر وأجرى إليها الأنهار وزيّنها بالقصور وأقام فيها فلاّحين يسكنون قصورها ويقومون على جناتِها، فخلا الفلاّحون في القصور على ما لا يحبُّ فأطال إمهالهم فلم يستحيوا فدعا إليهم غيرهم فأخرجهم منها فإن ذهبوا عنها تخطفهم الناس وإن أقاموا فيها صاروا خولاً لهؤلاء فيسومونهم الخسف أبداً. [أنظر الطبريّ وابن الأثير].

وهكذا لم يكن الاعتزاز بالإسلام والذكر بأنّه سرّ انتصار المسلمين يُفارق حسّ الفاتحين الأولين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم رضي الله عنهم.


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping